خاص: رأى الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين أن البدء في حوار التوافق الوطني، ومن أجل الوصول إلى حل للازمة الحالية، يتطلب توفير مقدمات له تشيع جواً إيجابياً يعزز الثقة بين الناس والحكم.
واعتبر الاتحاد، في المرئيات التي بعث بها إلى لجنة الحوار، وقف عمليات الفصل وإعادة المفصولين إلى أعمالهم، ومحاربة دعوات التفرقة والطائفية، فضلاً إيقاف الحملات الإعلامية المثيرة للفرقة، هي من مقدمات للحوار والبدء فيه.
واستند الاتحاد في كثير من مرئياته على المحاور السبعة التي سبق وأن أعلن عنها سمو ولي العهد كقاعدة لدعوته للحوار في فبراير الماضي، كما أورد مقترحات حلول للمشاكل التي يعاني منها المجتمع في مختلف المحاور.
وشملت المرئيات في الشق السياسي، ضرورة وجود سلطة تشريعية منتخبة ذات صلاحيات تشريعية ورقابية كاملة، سلطة قضائية مستقلة وحكومة تمثل الإرادة الشعبية، فضلاً عن السماح بحرية تشكيل الأحزاب لا تقوم على أسس دينية أو عرقية.
وجاءت قضية غياب العدالة الاجتماعية وتزايد التفاوت الطبقي، وقلة فرص العمل ذات القيمة المضافة العالية، إضافة إلى تدني الخدمات الأساسية للمواطن كالتعليم والإسكان والصحة، على رأس مرئيات الاتحاد الاقتصادية والاجتماعية.
وأشار في هذا الصدد إلى عدم تكافؤ تمثيل العمال في المجالس الثلاثية، وغياب المرجعية الدولية في الحقوق العمالية والتمييز في التوظيف سواء في القطاع الحكومي أم في القطاع الخاص على أساس الجندر والمعتقد والمنطقة، كما تناول خصخصة القطاع العام، التي اعتبرها الاتحاد، تتم بسياسة منفردة وبدون رؤية صحيحة وبعيداً عن الحوار الاجتماعي.
وطالب الاتحاد في المحور الحقوقي، بتوفيق القوانين المحلية بما يتلاءم مع العهدين الدوليين والاتفاقيات الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ومنع اتخاذ العمل النقابي ذريعة للتمييز ضد العامل ومعاقبة ذلك قانونا لتعزيز حرية العمل النقابي، فضلاً عن إعادة صياغة لوائح الخدمة المدنية بما لا يتعارض وحق العامل كمواطن في ممارسة حقه الدستوري في العمل السلمي والممارسة السياسية.
وفيما يلي نص مرئيات اتحاد العمال لنقابات عمال البحرين
المقدمة:
بناء على الخطاب الوارد من رئيس مجلس النواب – رئيس حوار التوافق الوطني
يقدم الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين رؤيته من أجل المصلحة العامة وبما يقود الوطن والمواطنين إلى بر الأمان ويخرجها من الأزمة التي تمر بها.
ويرى الاتحاد العام أن الأزمة التي تمر بها البلاد وبرغم ما خلفته من مآس وضحايا إلا أن الأمم تستلهم الدروس من أزماتها ومآسيها وتحولها إلى دروس تستفيد منها في مواجهة مشكلاتها وتطوير حاضرها وبناء مستقبلها بروح من الثقة والوحدة والإيمان بغد أكثر إشراقا وازدهارا.
إن الاتحاد العام يرى أن هناك مشكلات طال تجاهلها نتيجة البطء في عملية الإصلاح كما عبر عن ذلك جلالة الملك في مقاله بجريدة واشنطن تايمز وسمو الأمير ولي العهد في أول حديث له بعد اندلاع الأزمة وأن الحوار بين الحكم وقوى المجتمع هو السبيل الأمثل للوصول إلى حل ناجع لهذه المشكلات وأن الخيار الأمني لن يؤدي سوى إلى تعقيد الأمور.
وقد عبر الاتحاد العام منذ اللحظة الأولى لبروز الأزمة عن رأيه في ضرورة انطلاق حوار جاد وفعال من أجل وضع خارطة طريق لحل جميع أزمات البلاد ومشكلاتها وضمان عدم العودة مجددا إلى اختناقات وانسدادات اجتماعية وسياسية تقود البلاد إلى منعطفات لا تحمد عقباها.
وقد لخص الاتحاد العام رؤيته في المحاور الأربعة الواردة في خطابكم مؤكدا أن الفصل بينها ليس إلا مسألة إجرائية يتطلبها التخصيص وليس فصلا عازلا لبعضها عن البعض الآخر حيث من الواضح أنها محاور متداخلة وأن كلا منها يؤثر في الآخر.
ولذلك فقد اعتبر الاتحاد العام المحورين الاقتصادي والاجتماعي محورا واحدا كما أضاف الاتحاد العام محورا جديدا هو المحور الثقافي لما للثقافة من أهمية في تنمية المواطنة وبث روح الوحدة الوطنية والانتماء الوطني.
ومن أجل الوصول إلى حل الأزمة الحالية يرى الاتحاد العام أهمية توفر المقدمات التالية لتشيع جواً إيجابياً في البلاد يعزز من الثقة بين الناس والحكم ويسمح للمتحاورين على طاولة الحل التوصل إلى نتائج طيبة هي:
- تعزيز ودعم جهود لم الشمل والحفاظ على النسيج المجتمعي ومحاربة دعوات التفرقة والطائفية والتشاحن بين أبناء المجتمع الواحد عبر مبادرات وطنية يشارك فيها الجميع تحقق هذا الهدف وتحافظ على اللحمة الوطنية للشعب البحريني.
- وقف عمليات الفصل وإعادة المفصولين من النقابيين والعمال إلى أعمالهم.
- استخدام الإعلام ليقوم ببث رسائل إيجابية طيبة بين الجميع تعزز من مناخ الثقة ووقف الحملات الإعلامية التي تثير الفرقة وتعكر أجواء التوافق الوطني.
المحور السياسي:
يرى الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين أن ميثاق العمل الوطني يمثل مرجعية البلاد السياسية وعقدها الاجتماعي بروحه ونصوصه في سبيل ديمقراطية حقيقية.
والديمقراطية جوهرها دستور يعبر عن العملية الإصلاحية ويدفع بها إلى الأمام وكذلك بربط الإصلاح السياسي بالإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية القائمة على حقوق الإنسان لنعمل على بناء الدولة المدنية دولة المؤسسات والقانون. دولة مدنية ديمقراطية قائمة على احترام الحريات وسيادة القانون وحقوق الإنسان والمساواة.
ولكل ذلك يرى الاتحاد العام أن معالجة المحور السياسي تتضمن ما يلي:
- سلطة تشريعية منتخبة ذات صلاحيات تشريعية ورقابية كاملة.
- سلطة قضائية مستقلة
- حكومة تمثل الإرادة الشعبية.
- تعديل الدوائر الانتخابية لتعبر تعبيرا حقيقيا عن تساوي المواطنين في وزن الصوت الواحد.
- السماح بحرية تشكيل الأحزاب السياسية من خلال قانون يحرم تشكيلها على أي أساس غير وطني سواء كان دينيا أو عرقيا.
- معالجة ملف التجنيس.
المحور الاقتصادي الاجتماعي:
لعل هذا المحور كان من أكثر المحاور بعداً عن الاهتمام وعرضه للتجاهل ضمن عملية الإصلاح التي دخلتها البلاد منذ بدء مرحلة ميثاق العمل الوطني. ومع أن الدولة منذ عام 2005 دشنت ما يمكن تسميته بداية لعملية الإصلاح الاقتصادي الاجتماعي من خلال مشروع إصلاح سوق العمل والتعليم إلا أن الإصلاح الاقتصادي ظل يراوح مكانه وظلت الكفة تميل إلى جانب أصحاب الرأسمال لا إلى الطبقات الفقيرة وأصبح تقدم البلاد اقتصاديا يقاس رسميا فقط من خلال معدلات النمو والحرية الاقتصادية دون النظر لما لهذا المقياس من انعكاسات سلبية على حقوق العمال والطبقات الفقيرة. ويرى الاتحاد العام أن من أهم مسببات ومظاهر التعثر الاقتصادي الاجتماعي ما يلي:
- غياب العدالة الاجتماعية وتزايد التفاوت الطبقي.
- قلة فرص العمل ذات القيمة المضافة العالية.
- تدني الخدمات الأساسية للمواطن كالتعليم والإسكان والصحة.
- الاعتماد على اقتصاد العقارات واقتصاد الإنشاءات وهو بطبيعته اقتصاد طارد للعمالة الوطنية ومولد للعمالة كثيفة العدد قليلة المهارة متدنية الأجر والتي تمثل العمالة الأجنبية الآسيوية عمودها الفقري حيث تصل اليوم نسبتها إلى ثلاثة أضعاف العمالة الوطنية.
- خلو مجلس التنمية الاقتصادية الذي يمثل ما يشبه الحكومة الاقتصادية للبلاد من ممثلي الطبقة العاملة.
- عدم تكافؤ التمثيل في المجالس الثلاثية.
- غياب المرجعية الدولية في الحقوق العمالية المتمثلة في الاتفاقيات الدولية المعنية بالحقوق الأساسية في العمل.
- غياب حد أدنى للأجر وهو ما أدى إلى تسهيل جلب العمالة الأجنبية الرخيصة من جهة ونشوء ظاهرة بيع التأشيرات.
- التمييز في التوظيف سواء في القطاع الحكومي أم في القطاع الخاص على أساس الجندر والمعتقد والمنطقة.
- مشكلة الإسكان وشح الأراضي.
- اتساع ظاهرة الفساد في مختلف مؤسسات الدولة
- خصخصة القطاع العام بسياسة منفردة وبدون رؤية صحيحة وبعيداً عن الحوار الاجتماعي.
- تزايد الشرائح الواقعة تحت خط الفقر واتساع ظاهرة الاقتراض لتلبية احتياجات المواطن.
ولكل ذلك يرى الاتحاد العام أن معالجة المحور الاقتصادي تتضمن ما يلي:
- تضمين البعد الاجتماعي في السياسة الاقتصادية من اجل تنمية بشرية مستدامة.
- البدء بإصلاح الاقتصاد أولا وليس سوق العمل حيث أن سوق العمل ليس إلا فرعا من الاقتصاد.
- تشجيع استثمار رؤوس الأموال الخاصة ورأس مال الدولة في مشروعات اقتصادية حقيقية توفر وظائف ذات قيمة مضافة عالية تكون مقبولة من الباحث عن العمل مثل مشروعات الصناعات التحويلية والتقنية وقطاع الخدمات والبنوك مع الاهتمام بمشاريع الصناعات الصغيرة وقصرها على البحرينيين فقط.
- تشكيل مجلس حوار اجتماعي ثلاثي الأطراف بنسب متكافئة يكون عليه عبء وضع الرؤى والتنظير للوضع الاقتصادي والاجتماعي.
- التصديق على الاتفاقيات المعنية بالحقوق الأساسية في العمل المتضمنة في إعلان المبادئ لمنظمة العمل الدولية.
- تعزيز صلاحيات هيئة ديوان الرقابة المالية والإدارية بحيث يكون بمثابة هيئة وطنية لمكافحة الفساد وتكون تحت مظلة السلطة التشريعية.
- معالجة التمييز في الاستخدام والمهنة والمساواة في العمل.
- استرجاع أملاك الدولة من الأراضي والاستفادة منها في مشروعات تعود بالنفع على عامة الشعب.
- الإسراع بحل مشكلة الإسكان وحل مشكلة تدني الخدمات الصحية.
- إيجاد قانون عمل عادل يضمن الحقوق العمالية وفق المعايير الدولية و يحقق العدالة الاجتماعية.
- إعطاء الأولوية في الموازنة لبنود التنمية المستدامة القادرة على خلق فرص العمل والرفاه للمواطنين.
- إطلاق حرية التنظيم النقابي في القطاع الحكومي.
- التمثيل المتكافئ لجميع أطراف الإنتاج في المجالس والهيئات الثلاثية.
- العمل على تطوير امتيازات ومنافع وسياسات الحماية الاجتماعية بما يؤدي إلى تحسين المستوى المعيشي للمتقاعدين وبما في ذلك على الأخص توحيد مزايا صناديق التأمين الاجتماعي الثلاثة وفق أفضلها.
- إصلاح التعليم والتدريب بما يلبي احتياجات سوق العمل.
المحور الحقوقي:
لقد دشن عهد الإصلاح منذ بداية القرن الحالي بتصديق المملكة على مجموعة من العهود والمواثيق كان على رأسها العهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وعدد من اتفاقيات حقوق الإنسان والحقوق العمالية، غير أن الممارسات على الأرض سواء المباشرة منها أم غير المباشرة، كانت غير متوافقة مع هذه الاتفاقيات كما ظلت الفجوة قائمة بين التشريعات المحلية وهذه المعايير الدولية، كما أن النزاعات العمالية تأخذ وقتا طويلا يؤدي إلى تفويت فرصة الاستفادة من الأحكام حتى حين تكون في صالح العامل.
ولذلك يرى الاتحاد العام معالجة الملف الحقوقي كما يلي:
- توفيق القوانين المحلية بما يتلاءم مع العهدين الدوليين والاتفاقيات الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
- منع اتخاذ العمل النقابي ذريعة للتمييز ضد العامل ومعاقبة ذلك قانونا لتعزيز حرية العمل النقابي.
- إعادة صياغة لوائح الخدمة المدنية بما لا يتعارض وحق العامل كمواطن في ممارسة حقه الدستوري في العمل السلمي والممارسة السياسية.
- إنشاء محاكم عمالية مختصة في وزارة العمل من أجل تسريع التقاضي في القضايا العمالية.
- تجريم التمييز وعدم المساواة في الاستخدام و المهنة.
المحور الثقافي:
إن للثقافة أهمية كبيرة باعتبارها منظومة من التوجهات الحضارية الفاعلة للمحافظة على هويتنا العربية، والدفاع عن حق المواطنة وتعزيز الوحدة الوطنية، والتنمية البشرية والإنسانية المستدامة المرتكزة على الحقوق القانونية والسياسية والمدنية واحترام الرأي الآخر وتحديد العناصر والمفاهيم الخاصة بثقافة البحرين الوطنية. ولذلك ارتئ الاتحاد
أهمية إضافة هذا المحور،وإن من أهم المشكلات التي عانى منها الجانب الثقافي في البلاد هي:
- تهميش دور المبدع والمثقف البحريني بجميع أشكال إبداعه وتكريس عقدة المثقف غير البحريني وإبرازه على حساب المثقف البحريني وعلى حساب الثقافة الوطنية.
- تكريس الثقافة الأحادية الجانب سواء القبلية أو العقائدية البعيدة عن احترام الرأي الآخر وبث ثقافة الكراهية والاتهام والمفهوم المتخلف للعقيدة بعيدا عن روح التسامح الذي تقره جميع الشرائع السماوية.
- التداخل الواضح بين ما هو من صميم عمل مؤسسات الدولة الثقافية وما هو عمل المؤسسات الثقافية الأهلية سواء في المشاريع والموازنات أم في البرامج ما جعل المؤسسات الثقافية الأهلية مهمشة ماديا وإداريا وغير قادرة على القيام بدورها في خلق وترويج الثقافة الوطنية الحديثة.
- أحادية أجهزة الإعلام ما يجعلها غير قادرة على خلق روح التوافق الاجتماعي والوطني.
- خلو مناهج التعليم من الثقافة الوطنية المستقاة من أعمال المبدعين البحرينيين وغياب مدونة للتاريخ الوطني تنصف الشعب بكل فئاته ونضاله الوطني ضد الاستعمار في سبيل الاستقلال والديمقراطية.
ولمعالجة هذا الملف يرى الاتحاد العام ما يلي:
- إعادة تدوين تاريخ البحرين تدوينا وطنيا يشارك فيه مختلف أطراف المجتمع ونخبة من المؤرخين الوطنيين لتقديم تاريخ منصف يؤكد على مبادئ الوحدة الوطنية والكفاح الوطني المشترك من أجل الديمقراطية والاستقلال ويتم تدريسه للأجيال في المدارس والجامعات.
- تضمين المناهج الدراسية منذ المرحلة الابتدائية مبادئ القانون وحقوق الإنسان والدستور والوحدة الوطنية واحترام الآخر والتسامح.
- إعطاء المبدع البحريني بكل أشكاله سواء كأفراد أم من خلال المؤسسات الثقافية الأهلية الدعم المادي واللوجستي لكي يواصل إبداعه ويقدم إسهامه في خلق الثقافة الوطنية الحديثة والفكر التسامحي المستنير.
- استقلالية الإعلام عن أجهزة الدولة بحيث يكون أكثر مهنية وحيادية وحرصاً على إبراز الحقيقة بعيداً عن الأحادية والانحياز الفئوي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق