الحقوق

ما يرد في هذه المدونة من معلومات وأخبار خاصة هي ملك للجميع ومن حق أي شخص نقلها، وإن تفضل وأشار إلى المصدر فهذا فضلاً منه

27.8.08

عمال المياومة.. بين التثبيت وصندوق المعونة الوطنية

الدستور (الأردن)- أحمد عوض:
تدخل أزمة "عمال المياومة" العاملين في العديد من المؤسسات الحكومية والبالغ عددهم عشرة آلاف عامل تقريباً، عامها الثالث دون حل. لا بل تفاقمت الأزمة مع استمرار تمسك العمال بمواقفهم وامتناع الحكومة عن تلبية هذه المطالب و تراجعها عن التزامات أعلنتها الحكومة السابقة.
ومشكلة "عمال المياومة" تتمثل في قيام الحكومات السابقة بتعيين آلاف العمال للعمل في العديد من وزاراتها وعلى وجه الخصوص وزارة الزراعة ووزارة الأشغال العامة ووزارة المياه والري إلى أن تجاوز عددهم العشرة آلاف عامل في وظائف متنوعة غالبتها ميدانية لا تتطلب مهارات فنية.
ويثير الموقف القانوني من عمال المياومة الالتباس لجهة أنهم يعملون في الحكومة ولا ينطبق عليهم قانون الخدمة المدنية، لأنهم غير مثبتين أسوة بعشرات الالاف من موظفيها، وبالتالي لا يسمح قانون العمل حتى بعد إقرار تعديلاته الشهر الماضي بوجود تنظيم نقابي يمثلهم.
وفي ذات الوقت لا تقبلهم أي من النقابات العمالية في عضويتها على اعتبار أنهم يعملون في الحكومة،، ومطالب "المياومين" عادلة وليست بالمستوى التي يستحيل تنفيذها، فقد نفذوا حتى الآن عشرات الاعتصامات في مختلف محافظات المملكة للمطالبة بتثبيتهم كعمال دائمين، كما يطالبون برفع أجورهم، التي تتراوح ما بين 130 إلى 200 دينار، وتقليص ساعات العمل إذ يعمل جزء كبير منهم لأكثر من 8 ساعات يومياً، إضافة إلى تحسين شروط العمل والسلامة المهنية بحكم طبيعة العمل الميداني الصعب، وصرف العلاوات التي يحصل عليها موظفو الحكومة.
حكومات السابقة وعدتهم بالتثبيت وحل مشاكلهم على ثلاث مراحل بدءاً من بداية عام 2007، إلا أن الأمنيات ذهبت أدراج الرياح، على اعتبار أن تثبيتهم يتعارض سياسات التطوير الإداري وترشيق القطاع العام، ويخالف نظام الدور المتبع في التعيينات في ديوان الخدمة المدنية، مع أنهم يعملون أصلاً في الحكومة منذ سنوات والعديد منهم تجاوز 10 سنوات.
الأزمة تتفاقم والاعتصامات تتوالى، والعديدون منهم اضربوا عن الطعام في بداية الشهر الجاري، ودخل وراجع العشرات منهم المستشفيات اثر ذلك، والحكومة لا تحرك ساكناً تجاه تلبية مطالبهم، مع أن هذه الشريحة من العاملين هم من الطبقات الاجتماعية الفقيرة جداً، ولولا الرواتب المتدنية التي يتسلمونها لقاء عملهم في الوزارات والدوائر الحكومية، لاستحقوا المعونة من صندوق المعونة الوطنية الذي يمنح مساعدات أعلى من رواتب جزء كبير منهم.
إن الخسائر المعنوية والمادية التي يدفعها الأردن لقاء تشبث الحكومة بموقفها الرافض لتلبية مطالب هذه الشريحة الفقيرة من الأردنيين، أكبر من تكلفة تلبية مطالبهم التي يقدرها العاملون أنفسهم بأنها لا تتجاوز عشرة ملايين دينار سنوياً.هذا بالإضافة إلى سمعة البلد أمام منظمات حقوق الإنسان والاتحادات النقابية الدولية عندما لا يمر أسبوع دون اعتصام ينفذه عاملون في الحكومة يطالبون بالمساواة مع غالبية موظفي الحكومة، وما زالت آثار التقرير الأمريكي الذي صدر قبل سنوات، وكشف العديد من الانتهاكات التي كان يتعرض لها العاملون الأجانب في المناطق الصناعية المؤهلة ماثلة للعيان.
باختصار، أزمة عمال المياومة بحاجة إلى قرار سياسي من الحكومة ينصفهم ويساويهم بزملائهم، حتى وإن كان في إطار مشاريع مكافحة الفقر الذي تتسع رقعته يوماً بعد يوم، فهذه الشريحة من العمال هم فقراء الأردن الذين يستحقون أن تقف الحكومة معهم.

ليست هناك تعليقات: