الحقوق

ما يرد في هذه المدونة من معلومات وأخبار خاصة هي ملك للجميع ومن حق أي شخص نقلها، وإن تفضل وأشار إلى المصدر فهذا فضلاً منه

13.7.10

"مزايا" التأمين ضد التعطل

قبل فترة، تكررت تصريحات جميلة لجميل حميدان وكيل وزارة العمل تحدث فيها عن مقترحات دراسة “اكتوارية” جديدة لتحسين مزايا “التأمين ضد التعطل”، حيث كلف الخبير الاكتواري جورج بيساراس بمؤسسة “مهنا وشركاه”، الإعداد لها ووضع تصوراته الأولية في غضون شهر ونصف الشهر، ومن ثم سيجرى عليها تشاور بين وزارة العمل وهيئة التأمينات وهذا الخبير لترفع إلى مجلس الوزراء لمناقشتها بعد ثلاثة أشهر لإقرارها..
الشيء الجيد في تصريحات الوكيل حميدان تشديده “على أن وزارة العمل وهيئة التأمين الاجتماعي تبحثان من خلال دراسة اكتوارية التوصل إلى تحسين مزايا نظام التأمين ضد التعطل من خلال اقتراحات قابلة للاستمرارية بأمان ودون تعرض صندوق التعطل إلى مخاطر مستقبلية قد تهز من وضعه الحالي”، لكن كل هذا الكلام كلام نظري لا تطبيقي ضمن تفكير متعدد الأوجه، ويبدو غير قابل لتطبيق وصفة عمل تعالج التحديات المالية والرياضيات الاجتماعية، كون نظام التعطل بني على خصم 1 % من أجور العاملين فقط، فإن تم أخذ زيادة أخرى في الخصم من جيوب العاملين، فستحدث موجة من التذمر، خاصة إذا لم تضخ الدولة أموالاً لتحسين المزايا في هذا النظام الذي يستفيد منه العاطلون عن العمل بـ “فتات من لحم ثورهم”، (أي معدل 60 % من الراتب بحيث لا يقل عن 150 ديناراً ولا يزيد على 500 دينار لمدة لا تتجاوز الستة شهور)، وهذه النسبة من الدخل الشهري، لا تكفي لسد حاجات ضرورية، ولا التزامات أسرية، وما يترتب على العاطلين والمسرحين والمفصولين تعسفياً من قروض بنكية والتزامات الحياة، وما أكثرها هذه الأيام.
أكثر ما يستفز المستفيدين من النظام ضد التعطل الحالي ليس اقتصاره على مدة لا تتجاوز ستة أشهر، ونسبة الراتب المقدرة بـ”60 %”، بل طريقة دفع أجور العاطلين غير المنتظمة التي تعطى لهم بمزاجية غريبة عجيبة، فمرة بداية أول أسبوع من كل شهر جديد، ومرة أخرى في النصف الأول من الشهر حتى الخامس عشر من كل شهر، وكأن هؤلاء العاطلين لديهم اكتفاء ذاتي من السيولة لمرمرتهم أكثر مما هم عليه من يأس من شظف العيش، وحاجتهم لكسرة الخبز، وعندما يسألون عن سبب التأخير، تقوم وزارة العمل برمي الكرة في ملعب هيئة التأمينات، والأخيرة ترميها في ملعب الوزارة، “وهات وخذ” بين الهجوم والدفاع حتى ينقطع نفس العاطل عن العمل ويزيدون يأسه، فيغلق هاتفه عن إزعاج الديانة وكثرة المطالبات.
تخيلوا، أن راتب شهر يونيو لم يحصل عليه المنتفعون من مزايا نظام التعطل من مسرَّحي جريدة الوقت حتى كتابة هذه السطور في 12 يوليو، بينما وزارة العمل قالت لهم قبل الأسبوع الماضي، سيكون أقصى يوم لدفع الرواتب الأربعاء 7 يوليو، وجاء الخميس 8 يوليو دون شم رائحته، وبعد الخميس كانت عطلة الجمعة والسبت الأسبوعية (معذورين ـ وقت الراحة والاستجمام)، وكان الأحد والاثنين، ووزارة العمل تؤكد من جديد أن الأمر يحتاج إلى يومين أو ثلاثة أخرى وسيتم الصرف، وكل ما في أمر التأخير راجع لهيئة التأمينات التي تسلمت أوراق كامل المستحقات نهاية شهر يونيو 30 يونيو يوم الخميس قبل الماضي، ولا أحد يعرف إن كانت معاملة بنكية رسمية تأخذ إجراءات الصرف من بنك لآخر في عهد الحكومة الالكترونية أسبوعين أو أكثر، وكأن أوراق معاملات رواتب العاطلين تنقل (وأنتم بكرامة) على “حمير الألفية الثالثة”، من مبنى وزارة العمل في مدينة عيسى إلى هيئة التأمينات في المنطقة الدبلوماسية بالقرب من وزارة العدل والمصرف المركزي!!!.
وعليه، بقدر ما نتفق مع وكيل وزارة العمل جميل حميدان على ضرورة إعداد دراسة اكتوارية لتحسين مزايا النظام ضد التعطل، وهي ظاهرة حضارية بامتياز، على الرغم من أن البحرين تخلو من خبراء اكتواريين، إلا أنه وقبل الدراسة هذه وانتظار نتائجها على المدى البعيد، أليس من الأجدر أن نخطو خطوة عملية واحدة أفضل من حزمة من البرامج، ونبدأ بتسهيل صرف رواتب المستحقين بانتظام بدل هذه المذلة التي يكتوون بنارها كل شهر، وكأنهم شحاذين؟!.

ليست هناك تعليقات: