الحقوق

ما يرد في هذه المدونة من معلومات وأخبار خاصة هي ملك للجميع ومن حق أي شخص نقلها، وإن تفضل وأشار إلى المصدر فهذا فضلاً منه

15.8.08

التمييز في العمل على أساس الجنس ... انتهاك لحقوق المرأة

أخبار الخليج- خولة القرينيس:
على الرغم من ان المرأة لم تعد قوة عاملة احتياطية في المجتمع ولها تأثير واضح في النهوض به فإن حظوظها مازالت أقل من الرجل في الحصول على الوظائف والمراكز العليا، فعدد النساء اللاتي يتقلدن المناصب العليا محدود والى الآن لم يتم التوصل الى السبب الرئيسي لذلك. وفي الحقيقة ان التمييز ضد المراة في مواقع العمل لا تعانيه المرأة العربية فقط بل انها ظاهرة عالمية تعانيها حتى المجتمعات المتقدمة.
فقد ذكرت آخر التقارير البريطانية التي نشرت مؤخرا أن هناك زهاء ثلاثين ألف امرأة يفقدن وظائفهن في بريطانيا بسبب الحمل، بينما ذكرت صحيفة الدايلي ميل البريطانية ان النساء الحوامل أو اللواتي أنجبن حديثا معرضات لمستويات مرتفعة من التمييز على أساس الجنس، وأنهن يمنعن من الحصول على المرونة التي يحتجن إليها في العمل، والنتيجة أنهن يفضلن مصالح أطفالهن على مهنهن ويلجأن إلى البحث عن وظائف براتب اقل وبدوام جزئي أدنى من قدراتهن ومهاراتهن، ومن ثم لا يستفيد المجتمع من مواهب النساء ومن كفاءة المرأة وطاقتها الكبيرة.
وركز تقرير (سيسيزم اند ذي سيتي) الذي أعدته شركة فاوسيت على تجارب عدد هائل من النساء وعلى دعوات متكررة للوقوف في وجه التمييز الجنسي في مراكز العمل، كما توقفت الدراسة التي تلقى دعم وزيرة الألعاب الأولمبية وعمدة لندن تيسا جويل عند سلسلة عوائق تواجهها النساء في العمل، فالمرأة التي تعمل نفس ساعات الدوام مثل الرجل تتقاضى راتبا اقل بنسبة 17% منه، على الرغم من أن ثلثي العمال هم من النساء، وانتقدت الدراسة بشدة عدم المساواة بين المرأة والرجل على أساس الكفاءة، ولفتت إلى أن 11% فقط من مديري مائة شركة هم نساء، فيما لا تحظى المرأة بأكثر من 26% فقط من المراكز الإدارية المدنية!
وقد أكد ميثاق الأمم المتحدة على تساوي الرجل والمرأة في الحقوق، وأن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يؤكد مبدأ عدم جواز التمييز، لأن جميع الناس يولدون أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق، ولكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات الواردة في ميثاق الأمم المتحدة من دون أي تمييز، بما في ذلك التمييز القائم على الجنس ولكن الذي يحدث في الواقع الوظيفي عكس ذلك.
في التحقيق التالي نحاول تسليط الضوء على مشكلة التمييز على الجنس في مواقع العمل وأسبابها وكيفية التصدي لها.

حيز كبير
سعاد مبارك تؤكد ان مسألة التمييز في العمل على أساس الجنس تحتل حيزا كبيرا في كثير من مواقع العمل، وهناك الكثير من الحالات التي تتعرض لهذا النوع من التمييز ولا يمكن رصدها ومعرفة عددها الحقيقي، وعلى الجانب الآخر هناك حالات معروفة ويمكن الإشارة لها ولكن في معظم الأحوال لا يمكن اتخاذ أي إجراء ضد المؤسسة التي تقوم بمثل هذا النوع من التمييز. فنجد ان هناك الكثير من الشركات تمنح علاوات اجتماعية مختلفة للرجل والمرأة، فالمرأة تخصص لها علاوة اجتماعية حتى لو كانت متزوجة لأنها تعامل كعزب بينما الرجل يحصل على علاوة زوجية إذا كان متزوجا.
وهذا الأمر لا يقتصر على القطاع الحكومي بل يمتد إلى القطاع الخاص، وعلى الرغم من ان المرأة تصرف على الأسرة بالتساوي مع الرجل وفي أحيان كثيرة يكون ما تقوم بإنفاقه أكثر فإن نصيب الرجل من هذه العلاوات دائما يكون أكثر ذلك يستوجب على الجهات المعنية العمل على تعديل هذه الأوضاع وخصوصا ان البحرين قد قامت بتوقيع اتفاقية مناهضة أشكال التمييز كافة ضد المرأة فإنه بطبيعة الحال يجب أن يتم القضاء على أشكال التمييز كافة لأن المرأة تعاني وجود تمييز واضح في مواقع العمل، فعلى سبيل المثال نجد ان الدورات الخارجية تكون مقتصرة فقط على الرجال وخصوصا في قطاع الفندقة لأنهم يعتقدون ان الاستثمار في الرجل أفضل فالمرأة غير مضمونة لأنها قد تترك العمل في أي وقت وهذا الأمر غير صحيح فهناك فئة كثيرة من الرجال قد يقومون بترك العمل ما إن يحصلون على فرصة أفضل.
أما في القطاع الحكومي فإن المرأة تحرم من هذه الدورات ولأسباب كثيرة ما تكون غير حقيقية وبعيدة كل البعد عن أرض الواقع فالمرأة تكون مستحقة لمثل هذه الدورات حتى تطور من نفسها إلا أن المسئولين يميلون إلى ترشيح الرجال.
وفيما يتعلق بالوظائف نجد ان بعض المؤسسات سواء من القطاع العام أو الخاص تضع سقفا معينا للوظائف والمراكز العليا التي قد تشغلها المرأة ولا تسمح لها بالوصول إلى أعلى المراكز ففي بعض الأحيان يرفض تعيينها وترشيحها لإحدى الوظائف بسبب حجج واهية مثل الحجاب. ومن جهة أخرى نجد ان التمييز ضد المرأة الحامل حتى لو كانت تقوم بعملها على أكمل وجه وأحيانا تحرم من الدورات والعلاوات فقط لأنها حامل ومن إحدى الحالات التي وردت إلى النقابة إحدى الموظفات عندما عادت لعملها بعد إجازة الوضع فوجئت بتغيير عملها.

نفتقر إلى الإحصائيات
وتعتقد مريم الرويعي رئيسة الاتحاد النسائي ان عدم وجود إحصائيات توضح نسبة التمييز ضد المرأة في مواقع العمل يجعلنا نواجه صعوبة في التخلص من هذا الاضطهاد وخصوصا انه يساهم في احباط المرأة بشكل كبير جداً، لذلك فنحن نبحث عن أفضل الحلول التي تتوافق مع اتفاقية التمييز ضد المرأة التي قامت البحرين بتوقيعها.
ومن جهة أخرى نجد ان الدستور قد نص على تساوي المرأة مع الرجل في الحقوق والواجبات، وعلى غرار ذلك عملت الحكومة على تمكين المرأة سياسياً في السنوات الأخيرة ومع ذلك فإنها لم تتمكن من تحقيق حضور مكثف في شتى الميادين، فعند إمعان النظر في المناصب العليا التي تشغلها المرأة نجد ان أعدادهن قليلة مقارنة بعدد الرجال التي تشغل نفس المناصب، فعلى سبيل المثال نجد ان عدد الوزيرات والقاضيات والوكيلات لا يتوازى مع عدد الرجال فالتكافؤ منعدم في الوظائف المهمة، بالإضافة إلى الوظائف العادية التي قد تحرم المرأة منها فقط لأنها أنثى، والأمر لا يقتصر على الوظائف فقط بل يمتد الى العلاوت والدورات الخارجية والسفرات المهمة وغيرها ففي بعض الأحيان يمنح الرجل علاوة أكثر من المرأة حتى لو كانت متزوجة، وقد يرشح للدورات الخارجية بينما تحرم هي منها، وهذا الأمر موجود في القطاعين العام والخاص.

قانون لتجريم التمييز
وتواصل حديثها قائلة يجب على الحكومة أن تعمل على إنهاء هذا التمييز من خلال وحدات متخصصة تعمل على رصد حالات التمييز في القطاعات كافة أسوة بالدول المتقدمة فنحن نفتقر الى مثل تلك الوحدات بالإضافة الى إيجاد كل الآليات المناسبة لإعداد الإحصائيات الصحيحة التي توضح درجة التمييز في مواقع العمل، وسن قانون لتجريم التمييز. ولن تتم كل هذه الأمور إلا بالتكاتف مع الجهات الأهلية من أجل النهوض بالمرأة البحرينية في كل المجالات وفتح المجال أمامها لتحقيق ذاتها في المجتمع بالشكل الذي تصبو إليه.

دور النقابات
وتشاركها في الرأي نعيمة مرهون رئيسة العلاقات العامة في جمعية المرأة البحرينية وتقول يجب أن تكون هناك إحصائيات دقيقة وواضحة ضد هذا التمييز البشع لأنه استغلال لجهود المرأة الرامية إلى النهوض بالمجتمع، وهذا التمييز موجود منذ سنين والجهات الأهلية تطالب بإلغائه، ولكن لعدم وجود القوانين الرادعة فهناك صعوبة حقيقية في التخلص منه، فلو وجدت مثل هذه القوانين لساعدتنا وبشكل كبير على التوصل الى الأرقام الحقيقية ويتم بعد ذلك سن القوانين اللازمة لذلك والعمل على وضع الحلول المنطقية كافة لهذه الأزمة، وهنا يأتي دور النقابات، التي يستوجب عليها أن تعمل على مراقبة مواقع العمل من أجل حماية العاملات التابعات لها، وتقوم في ذات الوقت بتنظيم الدورات وورش العمل من أجل تعريف كل موظفة بحقوقها وواجباتها ودعوتهن إلى المشاركة في النقابات العمالية من أجل إيصال مطالبهن ومشاكلهن بكل أريحية.

التنشئة الاجتماعية
خلود بوجيري مسئولة عن عدد من الموظفات ودائما تعمل على تشجيعهن على العمل والعطاء وذلك لإيمانها الكامل بدور المرأة في النهضة الاجتماعية وخصوصا ان الدستور قد كفل للمرأة كل الحقوق والواجبات التي تتساوى بها مع الرجل، وعلى الرغم من أن بوجيري تعمل على توفير المناخ الملائم لموظفاتها للعمل بكل راحة أي أنها ترى ان هذين العدل والتشجيع قد لا يحصلان في القطاعات كافة وان هناك بعض القطاعات لا تمنح المرأة علاوة زوجية أسوة بزوجها لأنهم يعتقدون ان الرجل هو المسؤول الأول عن الأسرة إلا أن هذا التوجه غير صحيح لأن الزوجة في الوقت الحالي تنفق على الأسرة والمنزل بالتساوي مع زوجها في بعض الأحيان أكثر فلماذا تحرم من حقها؟
والأمر لا يقتصر على العلاوات بل يمتد الى الوظائف فهناك بعض الوظائف يتم تفضيل الرجل فيها أكثر من المرأة حتى لو كانت المرأة مؤهلة تأهيلا كاملا وقادرة على القيام بكل مهامها الوظيفية على اكمل وجه.
وهذا التمييز غير مقتصر على العمل بل يمتد إلى البعثات الدراسية ففي بعض الأحيان تظلم الفتاة وتحرم من حصولها على البعثة الدراسية وتمنح في المقابل الى الولد حتى لو كان مجموع الفتاة أعلى بكثير من مجموع الولد وذلك لأن الجهات المعنية ترى ان الرجل بحسب العرف سيكون في المستقبل بحاجة إلى الوظيفة من أجل تكوين أسرة، وهذا الأمر من شأنه أن يتسبب في إحباط كبير للفتيات لأنهن سيشعرن بأنهن يحرمن من حقهن الأساسي في التعليم من أجل الولد.
ومن جهة أخرى نجد ان الأعراف والأسلوب التربوي والتنشئة الاجتماعية دائما يكون فيها نوع من التمييز في المعاملة فيعامل الولد على انه رجل البيت ويجب على أخته أن تخضع له حتى لو كانت تكبره سناً، فالعادات الشرقية لها دور كبير في التأثير على تنشئة الأولاد.

الهرم الوظيفي
سلوى شويطر سمعت كثيراً عن التمييز في العمل بين المرأة والرجل ومن وجهة نظرها إن هذا التمييز ناتج عن رغبة الكثير من المسئولين بإيصال الرجال إلى أعلى المراكز من دون النساء ويضعون الكثير من الحجج الواهية التي تقف في طريق تقدم المرأة، وعلى الرغم من أن غالبية النساء في البحرين عاملات فإنهن لا يستطعن الوصول إلى أعلى من مركز مديرات أو رئيسات أقسام أو في أحيان قليلة يصلن الى وكيلات وزارة، وعندما نمعن النظر في الهرم الوظيفي نجد ان الرجال دائما في أعلى الهرم ولا يمكن للمرأة شغل المناصب التي يسيطر الرجال عليها بشكل كبير. وعندما نأتي الى المردود المادي التي قد تحصل عليه المرأة في عملها نجد ان العلاوات التي تنمح للرجل أعلى من المرأة إضافة الى الزيادات والحوافز والدورات التدريبية وهذا الأمر يحدث في مختلف جهات العمل سواء في القطاع العام أو في القطاع الخاص وفاز الرجل أم محمد عندما أنهت دراستها الجامعية بدأت تبحث عن عمل وطرقت جميع الأبواب وبعد مرور الوقت تقدمت لأحدى الوظائف ودخلت في امتحان ومقابلة للوظيفة وبالفعل نجحت وتم ترشيحها للوظيفة ولكن تمت المفاضلة بينها وبين أحد المتقدمين لنفس الوظيفة فتم اختيار الولد مكانها لأن المسئول كان يرى ان الرجل أفضل من المرأة وهذا الأمر جعلها تشعر بإحباط كبير جداً وخصوصا انها كانت تتمنى أن تعمل في هذه الوزارة.

غيرة
المرأة (ن.ع) ظلمت كثيرا من مسئولتها في العمل على الرغم من أنها تعمل بلا كلل أو ملل ولكن المسئولة تكرهها بشكل كبير من دون أي سبب، وتقوم بمنحها أسوأ التقارير السنوية وبدرجة ضعيف حتى تحرم من الترقية والحوافز وبهذه الطريقة تحرم من الحصول على أي وظيفة في وزارة حكومية أخرى أو حتى الانتقال إلى قسم آخر في نفس الوزارة، وكل ما تقوم به المسئولة ناتج عن غيرتها منها لأنها قررت إكمال دراساتها العليا.
(أ.ر) تؤكد ان التمييز ربما لا يكون من رجل إلى امرأة بل قد يكون من امرأة إلى امرأة ففي كثير من الأحيان تلعب الصداقة دورا كبيرا في طريقة تعامل المدرسات مع بعضهن بعضا فإذا كانت المدرسة العادية قريبة من المسئولة تحصل على راحة في تنظيم الجدول وبالمقابل يتم التعويض بالعمل مع مدرسة أخرى، كما ان هذا الأمر مرتبط بالوساطات التي تلعب دورا كبيرا في تحديد علاقة المدرسة بالمدرسات المسئولات وعلى الأخص عندما تملك إحداهن معارف وواسطات يمكن الاستعانة بهم عند الحاجة.

القانون لا يميز
المحامي حامد المحمود يوضح الجانب القانوني في هذا الشأن ويقول من الثابت غير المجحود ان القوانين الصادرة كافة بمملكة البحرين تقوم على مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة حيث ان المعني بالمخاطبة من خلال هذه القوانين هم أفراد المجتمع من دون وجود أي تمييز بين الرجل والمرأة، إلا أن هناك بعض القوانين تعالج مسألة الفروقات الطبيعية بين الجنسين فتصدر قوانين خاصة بالمرأة ومتعلقة بطبيعتها مثل - وليس على سبيل الحصر - قانون العمل بإعطاء إجازة الوضع والرضاعة وساعات العمل الليلي للمرأة إذ ان هذه الأحكام تفرق ولكن لصالح المرأة ولطبيعتها حيث تقوم بوضع أحكام تتواءم مع هذه الطبيعة وبذلك فإن التشريع في مملكة البحرين لا يفرق على الإطلاق بين الرجل والمرأة، أما بالنسبة لما يتم تطبيقه على أرض الواقع فقد نجد بعض التفرقة وهذه كما أسلفنا ليس مصدرها التشريع ولكن مصدرها التعامل فيما بين الأفراد وحاجة كل جهة عمل الى عمل الرجل أكثر من المرأة.
ومن ضمن المواد الموجودة في قانون العمل أنه لا يجوز أن يميز بين عماله الذين يحملون المؤهلات نفسها والدرجة عينها والمعني بالعمال الذكر والأنثى وإذا كان هناك تمييز مصدره جهات العمل وبعض الأشياء الناتجة عن الأعراف الاجتماعية وقد تكون هذه الأمور بصالح المرأة مثل اجازة الوضع والرضاعة وهو ليس تمييزا بل يعطيها هذا الأمر الأفضلية وهذه الأفضلية يستفيد منها المجتمع بشكل غير مباشر.

ليست هناك تعليقات: