الحقوق

ما يرد في هذه المدونة من معلومات وأخبار خاصة هي ملك للجميع ومن حق أي شخص نقلها، وإن تفضل وأشار إلى المصدر فهذا فضلاً منه

15.8.08

استياء في الجزائر بعد (فضيحة) " استيراد " عمال أجانب


إيلاف- كامل الشيرازي:
تسود حالة من الاستياء الشديد في الجزائر حاليا، بعد نشر صحيفة محلية تقريرا كشفت فيه النقاب عن إقدام كونسورتيوم ياباني- كوري جنوبي على (استيراد) 5 آلاف عامل أجنبي لأجل إنجاز مركب لإنتاج الأمونياك واليوريا بولاية وهران (450 كلم غرب)، ولم يهضم السكان المحليون سيما حملة الشهادات العاطلين عن العمل، كيف تسمح حكومة بلادهم للمجموعة المذكورة بجلب يد عاملة خارجية رغم توافرها في الداخل، وفي وقت زادت حدة ظاهرة البطالة التي لا تقلّ معدلاتها بحسب هيئات دولية عن 30 بالمئة، في بلد يبلغ معدل أعمار نصف سكانه -30 مليون نسمة-، أقل من 25 سنة، بيد أنّ البطالة تطوق 40 في المئة ممن هم في سن العمل، بينهم الآلاف من حاملي الشهادات.
وإذا كانت الحكومة الجزائرية أعلنت الربيع الماضي عن إلزامها سائر المتعاملين الاقتصاديين بمنح الأولوية لليد العاملة الجزائرية، بعدما أسهم عدم توظيف مواطنيها في تفاقم البطالة محليا، فإنّ الكونسورتيوم الياباني- الكوري الجنوبي''ميتسوبيشي هيفي أنديستري" و''دايوو كونستريكسيون''، برّروا خطوتهم بحاجتهم إلى يد عاملة مؤهلة لاحترام آجال إنجاز المشروع في آجاله المحددة بـ43 شهرا، كما يعزو مسؤولو الكونسورتيوم سلوكهم إلى كون المشروع على ضخامته (تربو قيمته عن 4, 2 مليار دولار) يستدعي استنجادهم بالكم المذكور من العمال الأجانب، بيد أنّ طلبهم لتراخيص العمل قد يصطدم بفيتو السلطات، لأنّ التذرع بعدم وجود يد عاملة مؤهلة محليا هو مخالف لحقائق الميدان، علما أنّ منطقة وهران التي ستحضن المشروع تمتلك خيرة الكوادر الشابة والطاقات العمالية التي يمكنها الوفاء بالمأمورية وفي آجال قياسية.
من جهته، استغرب مسؤول محلي كيف أنّ السلطات خططت أصلا لإنجاز مصنع اليوريا والأمونياك بولاية وهران تحديدا لامتصاص البطالة الخانقة في تلك المنطقة، ثم يأتي الكونسورتيوم ليستورد عمالا أجانب، مع أنّ موجبات الأمور تقتضي غير ذلك وتفرض منح الأولوية للشباب المحلي.
وعلى خلفية "تكاثر" العمال الأجانب في الجزائر، ووصول عددهم العام إلى حدود 60 ألف عامل أجنبي يتحدرون من 105 جنسيات، بعد أن كانوا لا يتجاوزون 543 شخصا عام 1999، وينتمي هؤلاء إلى جنسيات عربية وآسيوية وأوروبية، أصدرت الحكومة الجزائرية أمرية تنفيذية عمدت إلى تشديد الشروط الخاصة باستخدام العمال غير الجزائريين، بعد تضاعف العمالة الأجنبية ثلاث مرات خلال سنوات قليلة.
وقال متحدث باسم الحكومة الجزائرية "عبد الرشيد بوكرزازة" إنّ بلاده تلزم جميع الهيئات والمجموعات ذات الطابع التجاري على وجوب منح الأفضلية لليد العاملة الجزائرية، وأضاف أنّه سيتم إقرار تعديلات على بنود تتعلق بالجانب التشريعي التي تحكم سيرورة الصفقات العامة، بحيث تجبر مختلف الشركات المنجزة لمشاريع تمولها الخزانة العامة، على استخدام الجزائريين في مقام رئيس.
ويرى مراقبو الشأن الاقتصادي في الجزائر، أنّ المجموعات الصينية التي تسيطر على قسم مهم من قطاع الإنشاءات، هي المعنية الأولى بالإجراء المستحدث، على خلفية ما تردّد عن جلبها يدا عاملة من الصين على حساب ما هو متاح من خامات بشرية في الجزائر، وهو ما ضاعف أعداد العمال الصينيين إلى حدود 40 ألف عامل في الجزائر، في وقت يجد الآلاف من الشبان الجزائريين من الحاصلين على شهادات عليا أنفسهم على الهامش.
وتشير إحصائيات غير رسمية إلى أنّ إجمالي عدد العاطلين عن العمل في الجزائر يصل إلى ثلاثة ملايين شخص، ويصل عدد طالبي العمل إلى 230 ألف كل سنة، بينما تتحدث تقارير عن بلوغ نسبة البطالة عند الأشخاص تحت سن الـ30، منحنى الـ 72 بالمئة من إجمالي البطالين، 85.6 بالمئة منهم دون الـ35 سنة، فيما يصل عدد العاطلين عن العمل من ذوي الشهادات إلى 430 ألفا، يضاف إليهم 50 ألف طلب عمل جديد سنويا، ويحذر خبراء الاقتصاد في الجزائر، من مغبة إهدار طاقات ملايين من الشباب العاطل الذين ظلّوا لسنوات يمنّون أنفسهم بوظيفة محترمة، ما يلقي بظلاله على معضلة استثمار القوى الشابة في الجزائر، خصوصا مع ما توصلت إليه جهات مختصة من كون 314 مؤسسة جزائرية وأجنبية وظّفت أجانب هناك دون حيازتهم تراخيص للعمل أو تجاوز مدة صلاحية رخصهم.
كما أفادت كشوفات تعرضت إليها "إيلاف" في حينها، أنّ العمال الأجانب في الجزائر، 23 بالمئة منهم يعدون "كوادر سامية"، وحوالي 22 بالمئة كوادر متوسطة وفنيين وحوالي 1 بالمئة عمال يفتقدون للتأهيل العلمي، مع الإشارة إلى أنّ العمال العرب لا يمثلون سوى 12 بالمئة من المجموع العام الذي يستوعب الأفارقة ثمّ الأوروبيين والأميركيين.


ليست هناك تعليقات: