الحقوق

ما يرد في هذه المدونة من معلومات وأخبار خاصة هي ملك للجميع ومن حق أي شخص نقلها، وإن تفضل وأشار إلى المصدر فهذا فضلاً منه

19.10.08

مؤتمر سياسات الأجور (1)

سجال حاد بين «العمّالي» و«الغرفة» بشأن «مجلس الأجور»
الوقت - محمد الموسوي:
استهل أطراف الإنتاج الثلاثة ''الحكومة، العمال، أصحاب العمل'' اليوم الأول من مؤتمر الأجور والذي بدأ أمس ''السبت'' بسجال حاد، حول مطلب الاتحاد العام لنقابات العمال تشكيل مجلس أعلى للأجور.
فيما رفضت ''الغرفة'' تشكيل هذا المجلس، رد الاتحاد بقوة ''القرار في الدولة لا يصدر عن طريق المسقطي ''نائب رئيس الغرفة'' أو الغرفة''، بينما اتخذت الحكومة موقفا أكثر هدوءا، عبر عنه نائب رئيس الوزراء الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة بالقول إن ''الحكومة ستنتظر توصيات المؤتمر، وستأخذها بعين الاعتبار، انطلاقا من كونها تسعى لرفع المستوى المعيشي للعامل، والذي يأتي من أكثر من طريق من بينها عملية التدريب والتأهيل والتعليم، ومن الضروري توصل أطراف الإنتاج الثلاثة إلى صيغة مشتركة ومقبولة لدى الجميع".
وكان نائب رئيس الوزراء، قد افتتح أعمال المؤتمر، الذي ينظمه الاتحاد العام لنقابات عمّال البحرين، على مدار يومين، بحضور رئيس مجلس الشورى وعدد من الوزراء والمسؤولين وأعضاء مجلسي الشورى والنواب وبمشاركة رؤساء وأعضاء النقابات العمالية في المملكة وممثلي منظمة العمل الدولية ومؤسسات المجتمع المدني.
وقال الشيخ محمد في تصريحات له أمس إن ''ما يحظى به قطاع العمل والعمال من قبل الحكومة من دعم ومؤازرة في مجال تحسين الأجور وتطوير المهارات، تأكد في مشروع التأمين ضد التعطل الذي يعد خطوة غير مسبوقة على مستوى الوطن العربي، إضافة إلى المشروع الوطني للتوظيف، الذي يستهدف معالجة البطالة بشكل نهائي وحاسم من خلال برامج متطورة للتأهيل والتدريب، وإيجاد فرص العمل اللائق لكل مواطن راغب وقادر على العمل".

العلوي: لا نرغب بوضع العربة أمام الحصان
من جهته اعتبر وزير العمل مجيد العلوي رعاية نائب رئيس الوزراء للمؤتمر ''دليلا على اهتمام الحكومة بالشأن الخاص بالأجور''، لافتا إلى أن''الحكومة تشارك في المؤتمر بعدد من الأوراق، وتتمنى الخروج بتوصيات قابلة للتطبيق".
وبشأن ما يمكن أن يحققه المجلس المقترح بشأن تحديد حد أدنى للأجور قال العلوي ''لا نرغب بوضع العربة أمام الحصان، إذ ان المقترح بحاجة للدراسة ولا نرى بصورة مبدئية أي إشكالية بعملية إنشائه''، لافتا إلى أن ''معارض التوظيف التي تقيمها الوزارة لا تقبل في الوقت الراهن رواتب تقل عن 250 ديناراً".
وأضاف العلوي ''قلناها مسبقا ونكررها حاليا، بأن أقل راتب يمكن أن يوفر حياة مقبولة يجب ألا يقل عن 300 دينار، بشرط ألا يتجاوز عدد أفراد الأسرة اثنين وإلا احتاجت لأكثر من ذلك".

المسقطي: القرارات الفوقية قد تتسبب في بطالة شديدة
من جهته، لفت النائب الثاني لرئيس غرفة تجارة وصناعة البحرين عادل المسقطي في تصريح لـ''الوقت'' إلى ''اعتراض الغرفة على الاقتراح الخاص بإنشاء مجلس أعلى للأجور، والذي قد ينتج عنه وضع حد أدنى للأجور، لما لذلك من محاذير وتأثيرات سلبية على مجمل الاقتصاد البحريني، وهو ما يفرض ترك مسألة الأجور خاضعة للعرض والطلب عوضا عن القرارات الفوقية والتي قد تتسبب في خلق بطالة شديدة''، حسب تعبيره.
وأضاف أن ''الحل البديل الذي تراه الغرفة يكمن في معالجة الوضع المعيشي الصعب للأسر البحرينية من خلال تحمل الدولة مسؤولياتها في صرف مساعدات تتكفل بتقليص الفجوة بين خط الفقر والمستوى المعيشي لتلك الأسر".وتابع ''موقف الغرفة، جاء بعد دراسة مستفيضة إذ أن وضع حد أدنى للأجور في البحرين سيكون شاملا لجميع العاملين البحرينيين والوافدين، إذ لا يمكن استثناء الأجانب من ذلك بحكم الاتفاقيات الدولية''، مشددا على أن ''المحصلة، ستكون خروج غالبية الأموال إلى الخارج من دون أن يستفيد منها الاقتصاد المحلي".
وفيما إذا كان موقف الحكومة مؤيدا لإنشاء هذا المجلس، قال المسقطي ''نحن في الغرفة لنا رأينا الذي نعلن عنه وبإمكان الحكومة فرض ما تراه مناسبا في هذا الشأن، فهذا المجلس سيكون ضارا بالاقتصاد الوطني، وعلى من يتبنى إنشاءه تحمل النتائج السلبية التي تنشأ عنه".
ورفض المسقطي اتهام التجار في وطنيتهم، مشيراً إلى أن ''غالبية التجار في البحرين، يساهمون بمبالغ ضخمة في العمل الخيري من خلال مساهمتهم في الجمعيات الخيرية، إضافة إلى وجود البعض منهم ممن يملك مكاتب خاصة لدعم هذه الجوانب".

المحفوظ: إنشاء النقابات رغـم ممانعـة الغرفــة
إلى ذلك رد الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال البحرين سلمان المحفوظ على رفض ''الغرفة'' لاقتراح تشكيل مجلس أعلى للأجور بالقول ''القرار في الدولة لا يصدر عن طريق المسقطي أو الغرفة فنحن في الاتحاد العام ندعو لتشكيل مجلس أعلى للأجور يتم التوافق عليه من قبل أطراف الإنتاج الثلاثة ليكون جزءا من السياسة العمالية للحكومة".
وأشار إلى أن ''الاتحاد العام لديه شعور بأن الحكومة مستعدة لإنشاء هذا المجلس، وقد سمعنا ما يفيد بذلك من خلال وزير العمل مجيد العلوي، الأمر الذي يدفعنا للتفاؤل بألا يبقى هذا المقترح حبيس الأدراج، على أن تتشكل عضوية مجلس إدارته بشكل متساو من قبل جميع أطراف الإنتاج".
وأضاف المحفوظ ''نتمنى أن تدفع استجابة نائب رئيس مجلس الوزراء، أطراف الإنتاج الثلاثة للتحرك في الطريق الصحيح، من أجل ترجمته في نهاية المطاف إلى واقع ملموس".
ولفت إلى أن ''الغرفة كانت ممانعة لإنشاء النقابات ورغم ذلك تم تشكيلها، لذا نؤكد على أهمية تأسيس هذا المجلس أسوة بعدد من الدول العربية، كتونس والجزائر، إذ يشكل هذا المجلس حاجة ضرورية لاكتمال الهيكل العام لدولة المؤسسات".
وتابع ''خلال الثمانينات انطلقت المطالبات بالسماح للنقابات بالتأسيس، وتمكنا من تحقيق هذا الهدف بعد صراع ونضال طويلين ومن خلال التوافق الرسمي والشعبي، والآن لسنا في الثمانينات أو التسعينات بل نعيش في القرن الذي لم يعد بحاجة لتلك الصراعات''، حسب تعبيره.
وأكد المحفوظ أن ''الاتحاد العام، يعول على وجود حوارات جدية من قبل أطراف الإنتاج لتؤدي إلى صيغة مرضية للجميع''، موضحا أن ''وجود هذا المجلس، سيحقق مصلحة للجميع وهو ما لا يستدعي أي هواجس".
وعما إذا كانت الصورة العامة للمجلس المقترح جاهزة، قال المحفوظ ''حتى الآن، لا نزال في طور الحديث حول الإطار العام، وبالتالي فالمقترح بحاجة لصياغة قانونية من قبل أطراف الإنتاج".

كلمة نائب رئيس الوزراء
وفي كلمته إلى المؤتمر أكد نائب رئيس الوزراء الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة أن ''البحرين خطت خطوات مهمة ومتسارعة نحو التنمية المتقدمة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية منذ بدء المشروع الإصلاحي لعاهل البلاد''، مشيرا إلى أن ''تلك الإصلاحات كانت نقطة الانطلاق التي جددت الروح والثقة في وضع المملكة في مجال التنمية الاقتصادية".
وتابع ''والتي من أهم انجازاتها تنظيم سوق العمل وإصلاح قطاعي التعليم والتدريب، خصوصا أن فلسفة الإصلاح قامت على اعتبار المواطن البحريني الركيزة الأساسية في كل الخطط التنموية".
وأضاف ''نؤمن بحق المواطن والعامل البحريني بالتطلع لغد أفضل، وأن مثل هذه التطلعات هي الدافع للارتقاء إلى مستويات أعلى، كما أن اعتراف المملكة ودعمها لحقوق العمالة جعل منها بلدا رائدا في مجال حقوق الإنسان وجعل العامل البحريني متميزا في أدائه وانجازه".
وأشار الشيخ محمد إلى أن ''العمّال يشكلون جزءا حيويا من عملية النمو والازدهار في البلاد، التي نعمل جاهدين متآزرين للتأكد من أن نتائجها سوف تشمل الجميع من دون استثناء، وذلك عبر خلق فرص للتطوير وزيادة المعرفة بكل أبعادها المهنية، والتي ستؤدى حتما لمزيد من الازدهار".
وأردف ''لابد من التركيز على أهمية التعليم والتدريب ودور ذلك في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويمكن الإشارة هنا إلى مشروع التعليم والتدريب الذي بدأت مراحل تنفيذه بافتتاح بوليتكنك البحرين الذي سيوفر كوادر مدربة ولديها من المهارة ما يمكنها من الانخراط في سوق العمل والحصول على الرواتب والأجور التي توفر لها ولأسرها العيش الكريم".
ولفت إلى ''افتتاح كلية البحرين للمعلمين، التي ستسهم في تأهيل وتطوير المعلم والارتقاء به إلى مستوى عال باعتبار أن المعلم هو العمود الفقري في عملية التطوير في المجتمع".

60% يتقاضون أقل من 500 دينار
أكد الأمين العام لنقابات عمّال البحرين سلمان المحفوظ أن ''الرأي العام ينتظر توصيات مؤتمر الأجور، خصوصا من يعانون من صعوبات الحياة المعيشية، كما ينتظر السياسيون من مختلف الاتجاهات صياغة رأي عام وطني رسمي وشعبي للخروج من مأزق الفقر وانهيار الدخل الفردي وكذلك المنظمات العمالية الدولية والإقليمية''، لافتا إلى أن ''الإحصائيات تفيد أن أكثر من 60% في البحرين يتقاضون أقل من 500 دينار شهرياً وهو الحد الأدنى الذي نراه ضروريا لحياة لائقة".
وفيما يتعلق بموضوع المؤتمر، قال المحفوظ إن ''ملف الأجور يهم أصحاب القرار في كل كيانات البلاد، فهو مهم للسلطة التنفيذية لكي تضع من البرامج ما يرتقي بالمواطن، ويجعله يحيا في ظل المواطنة اللائقة".
وأضاف ''يعتبر هذا الملف، ملف المجتمع المدني، إذ أصبح الخروج من البؤس ومكافحة الفقر، العنوان الأبرز اليوم لعمل المنظمات الحقوقية والإنسانية، فهو ملف الجمعيات والصناديق الخيرية، إذا كانت تضع ضمن إستراتيجيتها أن تخلق المزيد من المواطنين المعتمدين على ذاتهم وعملهم لا على معوناتها".
وتابع ''وهو بالطبع ملف التشريعيين حيث لا أجندة قانونية وتشريعية اليوم أهم من قوانين تضمن حماية دخل المواطن من التآكل وتجعله فوق خط الفقر، وما تصريحات رئيس مجلس النواب والتي أكد فيها أولوية موضوع الأجور إلا استجابة مبكرة لمبادرة الاتحاد العام لمناقشة وضع الأجور على مستوى المملكة من خلال عقد هذا المؤتمر الحاشد".
وقال المحفوظ ''وهو أخيراً وليس آخراً ملف الحركة النقابية، ولقد عرفت حركتنا النقابية العمالية ومنذ بداياتها المبكرة ما قبل الاستقلال الدفاع عن الأجور ومنذ أولى التحركات العمالية في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي بعد التشكل الجنيني للطبقة العاملة كانت مسألة الأجور تحتل أهمية قصوى".
وأكد أن ''العمال وقفوا، وعلى مدى تاريخهم الطويل والقديم، مطالبين بالأجر المجزي الذي يتناسب بعدالة مع ما يبذلونه من جهد وما يقدمونه من عمل، واستمر هذا الكفاح حتى قيام اللجان العمالية ثم قيام النقابات العمّالية بعد أن أصدر الملك المرسوم الملكي بقانون رقم 33 بشأن النقابات العمّالية".

المؤتمر جسر للشراكة الاجتماعية
وفيما يتعلق بالغاية من تنظيم المؤتمر، قال المحفوظ ''يمثل هذا المؤتمر جسراً للشراكة الاجتماعية، ندشنه اليوم وعلينا أن نستمر في السير عليه حتى تحقيق أهدافنا المشتركة، فلقد راجت في العقد الأخير مقولة حرية السوق وحرية الاقتصاد ومقولة انتهاء دولة الرعاية والدعوة إلى ترك كل شيء لرأس المال ليقرر مصير الاقتصاديات الوطنية والمطالبة بأن ترفع الحكومات يدها عن الدعم للسلع الأساسية والدعوة لعدم وضع حد أدنى للأجر بحجة أن هذا الحد الأدنى يتناقض مع مبادئ الاقتصاد الحر".
وأضاف ''وسط كل هذه الدعاية المضادة لتدخـّـل الدولة والداعية إلى الليبرالية الاقتصادية المطلقة، تمسك النقابيون عبر العالم بالمطالبة باقتصاد يضع البند الاجتماعي ضمن أولوياته ولا يضحي بكرامة الإنسان والعدالة الاجتماعية على مذبح الحرية الاقتصادية".
وأوضح المحفوظ أن ''الأزمة المالية العالمية الأخيرة والتي سبقتها أزمات فرعية على مستوى بعض الاقتصاديات الوطنية، خصوصا ما شهدناه في بعض الدول الخليجية من انهيار سوق الأسهم وخسائر بالملايين عصفت بأحلام الطامحين في الثراء السريع، جاءت هذه الأزمة في بُعدها العالمي ليندلعَ من جديد جدلُ علاقة الدولة بالاقتصاد وبدخل الفرد، بل وليتصاعد من جديد صوت من يقول إن العالم ما زال بحاجة لشيء من الاشتراكية ليلطف من غـَـلـْواء الرأسمالية".
وتابع ''لحسن الحظ، وربما كما يقول الشاعر ''مصائب قوم عند قوم فوائد'' تزامن مؤتمرنا مع هذه الموجة العالمية التي تطرح اليوم السؤال الكبير المرعب: هل حقا انتهى دور الدولة كما علمونا طوال عقد من الزمن؟ هل يمكن أن تقف الدولة تتفرج وترى الكوارث الاقتصادية والأسعار العالية والتضخم والخصخصة تعصف بمقدرات الناس وتسكت عن كل ذلك بحجة أن الاقتصاد حر؟".
وقال ''الجواب لدينا في الحركة النقابية كان بالنفي وهو اليوم بدرجة أكبر من النفي والرفض".
وأردف ''ينعقد مؤتمرنا هذا مدافعاً - على الأقل على مستوى مرئياتنا كحركة نقابية وكاتحاد عام - عن ضرورة أن يستمر دور الدولة في معالجة آثار التضخم والغلاء وتآكل الدخل من خلال حزمة إجراءات فعالة، وأن أيديولوجيا السوق الحر دون ضابط قد انتهت في العالم الذي اخترعها ودافع عن رواجها''.وطالب المحفوظ، المشاركين ''أن تأخذ التوصيات بالاعتبار أنهُ حتى مصطلح الحد الأدنى للأجر استبدل اليوم بمصطلح الحد الأدنى للمستوى المعيشي وهنا يأتي دور الدولة ليس فقط من خلال زيادة الدخل بل من خلال تخفيف الضغوط على هذا الدخل وتأمين وصول قدر أكبر من الخدمات لقدر أكبر من الناس بكلفةٍ أقل ومراقبة الأسعار".
هذا وقد ناقش المؤتمر في يومه الأول 4 أوراق عمل، كما سيشهد اليوم الثاني من المؤتمر مناقشة عدة أوراق تتعلّق بنظام التأمين ضد التعطل تقدمها وزارة العمل وشبكات الأمان الاجتماعي ومقارنتها بالوضع في البحرين تقدمها منظمة العمل الدولية، وتعقيب من وزارة التنمية على الورقة، وورقة بعنوان ''أهمية المجلس الأعلى للأجور'' وهي عبارة عن دراسة حالات لبعض الدول، وورقة بعنوان المؤسسات التشريعية: رفاهية المواطنين : أولوية مؤجلة، وطاولة مستديرة بعنوان ''الحل المجتمعي'' وستختتم المناقشات باعتماد التوصيات الختامية.

ليست هناك تعليقات: