الحقوق

ما يرد في هذه المدونة من معلومات وأخبار خاصة هي ملك للجميع ومن حق أي شخص نقلها، وإن تفضل وأشار إلى المصدر فهذا فضلاً منه

26.10.08

عمان تتبنى طريقة مثيرة للجدل لمعالجة البطالة

يمكن الزعم بأن السلطات في سلطنة عمان باتت مصممة أكثر من أي وقت مضى لمعالجة الخلل في سوق العمل. وقد أخذت سياسة إحلال العمال الوطنية محل الأجنبية أو (التعمين) أبعادا جديدة في الآونة الأخيرة وشملت تخصيص 16 وظيفة للعمالة الوطنية في القطاع الخاص وذلك في إطار سياسة حل معضلة البطالة.

لا يعرف على وجه الدقة الحجم الحقيقي للبطالة في عمان. لكن يعتقد على نطاق واسع بأن النسبة لا تقل عن 15 في المائة في أوساط الموطنين المؤهلين للتوظيف. وترتفع هذه النسبة في المناطق البعيدة عن المدن. كما تشير الأرقام الديمغرافية إلى أن المجتمع العماني يافع، إذ يشكل السكان دون سن الخامسة عشرة 43 بالمائة من مجموع المواطنين. الأمر المؤكد هو أن عددا غير قليل من المواطنين سوف يدخلون إلى سوق العمل في المستقبل غير البعيد بحثا عن وظائف مناسبة.
تشير الأرقام المتوافرة إلى سيطرة العمالة الوافدة على وظائف القطاع الخاص. فقد استحوذت العمالة الأجنبية على 79% من 580 ألف وظيفة في القطاع الخاص استنادا لإحصاءات تعود لمنتصف العام 2007. يشار إلى أن العمالة المحلية شكلت نحو ربع حجم العمالة في القطاع الخاص قبل عدة سنوات. وحدث التراجع في أعقاب موجة النمو الاقتصادي الذي تحقق في السنوات القليلة الماضية كنتيجة مباشرة لارتفاع أسعار النفط.

حصر وظائف للمواطنين

وكانت وزارة القوى العاملة قد اتخذت قرارا أثناء فصل الصيف (بتعمين) أو توطين 16 مهنة والتي تشمل الاستيراد والتصدير، الحلاقة، تصليح الإلكترونيات، تصليح السيارات، الحدادة، السباكة، الخراطة وبيع الأقمشة. بيد أن قرار وقف تصدير تأشيرات لاستقدام عمالة أجنبية لهذه الوظائف قوبل بالاستهجان من قبل بعض أرباب العمل حيث أشاروا إلى خطورة القرار على الأداء الاقتصادي للسلطنة. وربما تكون وجهة النظر هذه صائبة بسبب وجود الحاجة لتدريب العمالة المحلية على هذه المهن الصعبة نسبيا التي لا تشتهر بدفع رواتب مجزية لأسباب مختلفة منها توقع الزبائن بأن أسعار هذه الخدمات يجب أن تكون متدنية. بل يخشى أن تؤدي هذه السياسة إلى حدوث خسائر لبعض مؤسسات القطاع الخاص وبالتالي إلحاق ضرر وليس منفعة على المدى القصير على أقل تقدير.

بالمقابل، لا يمكن توجيه اللوم للمسؤولين لاتخاذ هذا الموقف نظرا لخطورة المسألة في ضوء محدودية فرص إيجاد وظائف للعمالة المحلية في مؤسسات القطاع العام. تشكل العمالة المحلية أكثر من 90% من العاملين في مؤسسات القطاع العام. وتعد هذه النسبة أكثر من تلك المطلوبة في (رؤية عمان 2020) والمحددة عند 68% في الدوائر الرسمية بنهاية المدة. كما تشكل العمالة المحلية نسب مرتفعة في بعض القطاعات الأخرى مثل الاتصالات والقطاع النفطي.

محاربة استغلال العمالة الوافدة
من جهة أخرى، من شأن تقليص التواجد الأجنبي في القطاع الخاص تعزيز فرص تحسين ترتيب عمان في تقرير أمريكي حول معاملة العمالة الأجنبية على خلفية صدور تقرير أمريكي ينتقد القصور في بعض القوانين المعمول بها في السلطنة. فقد صنف تقرير عام 2008 سلطة عمان ضمن الخانة الثالثة وهي أدنى رتبة فيما يتعلق بظاهرة استغلال العمالة الوافدة. ورصد التقرير بعض الظواهر المرفوضة في سياسات العمل الدولية مثل احتفاظ الكفيل بجواز سفر العامل الأجنبي. كما أبدى التقرير تشكيكه في جدوى فعالية عقوبة سجن مدتها شهر واحد لأولئك المتهمين بتوظيف الأحداث أو العمل تحت التهديد.

وكانت السلطات العمانية قد ألزمت نفسها في عام 2006 بمحاربة كافة أشكال استغلال العمالة الوافدة.
وجاء التأكيد العماني أثناء مداولات مجلس النواب الأمريكي لمشروع إنشاء منطقة للتجارة بين الولايات المتحدة وعمان. وكان مجلس الشيوخ الأمريكي قد وافق على الاتفاقية بأغلبية 60 صوتا مقابل 34 صوتا معارضا. ولغرض الحصول على تصديق مجلس النواب أعلنت السلطات العمانية عن خطوات محددة لتحسين ظروف عمل العمالة الأجنبية. يشار إلى أن القوانين الأمريكية تمنع دخول سلع للسوق الأمريكية تعرضت أثناء عملية الإنتاج لحالات استغلال للعمالة المحلية أو الأجنبية.

اتفاقية التجارة الحرة مع أمريكا
وقد شدد عدد من السياسيين الديمقراطيين على وجه التحديد على ضرورة أن تطور عمان قوانين العمل وجعلها ملائمة لمعايير منظمة العمل الدولية. وكان السلطان قابوس قد أصدر مرسوما بتاريخ 8 يوليو من عام 2006 أي قبل التصويت في مجلس النواب على قانون عمل متطور. يمنح القانون المعدل للعمال بغض النظر عن جنسياتهم حرية تشكيل نقابات على مستوى البلاد فضلا عن منحهم حق القيام بمظاهرات سلمية أو التوقف عن العمل إضافة إلى زيادة الجزاءات المفروضة على المؤسسات التي تقوم بتوظيف الأحداث. وقد تم رفع قيمة مخالفة توظيف الأحداث أربع مرات لتصل إلى 500 ريال عماني (نحو 1300 دولار) فضلا عن سجن لمدة شهر. وساهم الإعلان العماني في تصويت مجلس النواب بشكل إيجابي ولو بهامش محدود حيث صوت 221 نائبا لصالح الاتفاق بينما عارضه 205 آخرون.

ويبدو من تقرير الخارجية الأمريكية أن السلطات العمانية تشدد العقوبات فيما يخص توظيف الأحداث.
بدورنا نؤيد هذه الدعوة لعدم التساهل مع أولئك الذين يستغلون العمالة الوافدة بأي شكل من الأشكال.
يقتضي الصواب رفض كافة أشكال المعاملة السيئة للعمالة الوافدة حفاظا لأسباب أخلاقية وحفاظا على سمعة الوطن في التقارير الدولية.
ختاما المطلوب من السلطات اتخاذ خطوات من شأنها معالجة مشكلة البطالة في أوساط المواطنين لما لها من تداعيات على مختلف أوجه المعيشة في البلاد. كما من شأن سياسة الإحلال تحسين فرص ترتيب عمان في تقرير لوزارة الخارجة الأمريكية يرصد حالات استغلال العمالة الوافدة.

ليست هناك تعليقات: