الحقوق

ما يرد في هذه المدونة من معلومات وأخبار خاصة هي ملك للجميع ومن حق أي شخص نقلها، وإن تفضل وأشار إلى المصدر فهذا فضلاً منه

11.3.09

تراجع تحويلات العمالة يضر بالفقراء بالعالم

الشرق القطرية- ممدوح الولي: أشارت بيانات البنك الدولي إلى انخفاض معدل نمو تحويلات العاملين إلى الدول النامية خلال العام الماضي إلى 9 % مقابل نمو 23 % عام 2007، ليصبح معدل نمو التحويلات خلال العام الماضي الأقل خلال السنوات السبع الأخيرة والتي تراوح معدل نمو التحويلات خلالها مابين 14 % في عام 2004 كأقل معدل و25 % في عام 2003 كأعلى معدل نمو للتحويلات.
وشمل تراجع معدل نمو تحويلات العاملين كافة مناطق العالم، حيث تراجع نمو تدفقات تحويلات العمالة للدول النامية في أوروبا وآسيا الوسطى إلى 5 % مقابل 31 % بالعام الأسبق، وبدول شرق آسيا والمحيط الهادي إلى 7 % مقابل 23 %، وبدول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى 8 % مقابل 23 %، وبدول إفريقيا جنوب الصحراء إلى 6 % مقابل 44 %، وبدول أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي صفر بالمائة مقابل 7 %، وكانت أقل المناطق تأثرا دول جنوب آسيا لينخفض النمو بها إلى 27 % مقابل 31 %.
وتنفرد تحويلات العمالة بكونها مورد التمويل الخارجي الوحيد الذي يصل إلى جيوب البسطاء في أنحاء العالم مباشرة، بينما تصل باقي موارد التمويل الخارجي الأخرى إليهم من خلال وسطاء، فموارد بيع البترول على سبيل المثال تصل للحكومات والشركات والتي تقوم بدورها بإعطاء العاملين لديها جانبا من تلك الموارد، ونفس الأمر لخدمات النقل وغيرها من أنواع موارد النقد الأجنبي.
وإذا كانت الجهات الحكومية والمؤسسية التي تتلقى موارد النقد الأجنبي في بلدان العالم لديها فوائض تمكنها من تحمل تراجع تلك التدفقات لبعض الوقت، فإن أحوال الأسر التي تعتمد على التحويلات غالبا بشكل كلي تفتقد إلى وجود فوائض، بما يعني تضررها السريع من توقف تلك التدفقات أو انخفاض قيمتها نتيجة فقد رب الأسرة عمله في البلد الأجنبي الذي يعمل به.
ومع وجود نحو 190 مليون مهاجر بدول العالم حتى عام 2005 تعود أصولهم إلى كل الدول النامية بل والدول المتقدمة، فإن ذلك يشير إلى امتداد الأثر السلبي لتراجع التحويلات إلى أنحاء القرى والأحياء بمختلف بقاع العالم، فأمريكا وحدها بها أكثر من 38 مليون مهاجر وروسيا بها أكثر من 12 مليونا، وألمانيا بها أكثر من عشرة ملايين وفرنسا أكثر من ستة ملايين ونفس الرقم في السعودية وكندا.
وهناك أكثر من خمسة ملايين في بريطانيا وحوالي الخمسة ملايين في أسبانيا وأربعة ملايين في استراليا وأكثر من ثلاثة ملايين في الإمارات العربية وأثنين ونصف المليون في إيطاليا وأقل من ذلك في بلدان عديدة متقدمة.
وبالنظر إلى الواقع الاقتصادي لتلك الدول فإن الولايات المتحدة والدول الأوروبية وروسيا قد دخلت في حالة انكماش وزادت بها معدلات البطال، وهناك توقعات بحدوث انكماش بالسعودية خلال العام الحالي.
وكل ذلك يشير إلى أن الأثر السلبي الذي بدأ يتزايد خلال الربع الأخير من العام الماضي من المتوقع أن تتفاقم حدته خلال العام الحالي، ففي الولايات المتحدة تزايدت معدلات البطالة خلال الشهور الأخيرة حتى زاد معدل فقدان الوظائف مؤخرا عن النصف مليون وظيفة شهريا.
وبالنظر إلى أبرز الدول النامية المتلقية لتحويلات العمالة والتي بلغت أرقامها لعام 2008 حسب توقعات البنك الدولي، نجد الهند في المقدمة بنصيب 45 مليار دولار والصين 34 مليارا ونصف المليار والمكسيك 26 مليارا، وبولندا 11 مليارا ونيجيريا عشرة مليارات ورومانيا 9 مليارات ومصر 8 مليارات ونصف المليار، والمغرب 7 مليارات وأندونسيا 6 مليارات ونصف المليار وباكستان 7 مليارات ولبنان 6 مليارات وفيتنام 5ر5 مليار دولار، وكل تلك البلدان بها نسب مرتفعة للفقر، حيث تساهم تلك التحويلات في تحسين مستويات المعيشة للبسطاء وفي دفع نفقات الغذاء والعلاج والتعليم، ومع فقدان تلك التحويلات سيتدهور المستوى المعيشي بتلك البلدان.
ويجيء تصدر تلك الدول النامية لحصيلة تحويلات العاملين نظرا لوجود 11 مليونا ونصف المليون مكسيكي يعملون خارجها خاصة في أمريكا، وعشرة ملايين هندي يعملون بدول مختلفة، وأكثر من سبعة ملايين صيني وأكثر من ستة ملايين أوكراني وحوالي خمسة ملايين بنجلاديشي وحوالي أربعة ملايين فلبيني، وأكثر من ثلاثة ملايين باكستاني وحوالي ثلاثة ملايين مغربي وحوالي مليونين نصف المليون مصري وأكثر من مليوني بولندي وأكثر من مليوني فيتنامي، ومليوني برتغالي وحوالي مليوني جزائري حسب أرقام عام 2005، تعتمد أسرهم في بلدانهم على ما يرسلونه لهم من تحويلات مالية.
وتشير أرقام ارتفاع نسب تحويلات العمالة الواردة إلى الناتج المحلي في بعض الدول الصغيرة إلى مدى الاعتماد على تلك التحويلات بتلك الدول، حيث بلغت النسبة عام 2007 نحو 45 % في طاجكستان رغم بلوغ تلك التحويلات إليها مليارا و750 مليون دولار ونسبة 38 % في مولدافا مع بلوغها 1 مليار و550 مليون دولار، و29 % من الناتج المحلى في ليسوتو رغم أن قيمة تلك التحويلات 443 مليون دولار فقط أي أقل من نصف المليار، و25 % في هندوراس رغم أنها أقل من ثلاث مليارات دولار، و24 % في لبنان و23 % من الناتج في جويانا رغم بلوغها 278 مليونا فقط، و23 % بالأردن و20 % في هايتي رغم بلوغ الحصيلة 1 مليار وثلاثمائة مليون دولار، و19 % في جاميكا ونفس النسبة من الناتج المحلي في قيرغيزستان رغم بلوغ الحصيله 250 مليون دولار فقط.
وهو ما يشير إلى مدى الهيمنة لتلك التحويلات بتلك البلدان رغم قلة حجمها، وينطبق نفس الأمر في ارتفاع نسبة التحويلات إلى الناتج رغم قلة حجمها على دول أخرى عديدة منها: سلفادور والبوسنة ونيبال والأراضي الفلسطينية المحتلة وصربيا ونيكارجوا وجواتيمالا وألبانيا ودومينيكان.
ولا يقتصر أثر تحويلات العمالة على الدول النامية بل إنها تؤثر أيضا في عدد من الدول المتقدمة، حتى إن فرنسا احتلت المركز الخامس عالميا في قيمة تحويلات العمالة الواردة إليها بنحو حوالي 14 مليار دولار بالعام الماضي وكذلك في أسبانيا بنحو 11 مليارا وألمانيا التي وصلتها 9 مليارات دولار ونفس الرقم لبلجيكا، كما بلغت قيمة التحويلات الواردة لبريطانيا أكثر من 8 مليارات دولار بالعام الماضي من أبنائها العاملين بدول أخرى، إلا أن تلك المبالغ رغم كبرها لا تشكل سوى نسبة ضئيلة من الناتج المحلي لتلك الدول.
وعلى الساحة العربية فإن تحويلات العمالة تشكل موردا هاما لمصر والمغرب ولبنان والأردن وتونس، كما تعد مصدرا مهما للنقد الأجنبي في الجزائر واليمن والسودان، وهكذا يضيف تراجع تحويلات العمالة عربيا بعدا اجتماعيا بجانب البعد الاقتصادي، حيث يتوقع تزايد نسب التسرب من التعليم وارتفاع سن الزواج وتزايد معدلات الجريمة، وهي أمور تجب أن تتنبه إليها مؤسسات المجتمع المدني والجهات الخيرية العربية، خاصة وأنها مرشحة للتفاقم خلال الفترة القادمة.

ليست هناك تعليقات: